التعليم في القدس المحتلة تحدٍّ وصمود معركة المناهج الفلسطينية معركـة تاريخ وثقافـة وتراث




التعليم في القدس المحتلة تحدٍّ وصمود معركة المناهج الفلسطينية معركـة تاريخ وثقافـة وتراث

اعداد وحوار/ امل خليفة
خاص - مجلة القدس
لا شك أنَّ قطاع التعليم في القدس المحتلة يُمثِّل تحدياً كبيراً للمجتمع المقدسي، يختلف بجزئياته عن باقي محافظات الوطن، حيث أنَّ الواقع المقدسي له "خصوصية" تستحق الوقفة عندها ملياً لدراستها وتحليلها واستيعاب مدى خطورة ما هو قادم.

خلفية تاريخية

شهد التعليم في القدس المحتلة عدة محطات بدءاً من العثمانيين ومروراً بالانجليز والأردنيين والاسرائيليين ووصولاً إلى المناهج الفلسطينية. فمنذُ مرحلة الانتداب البريطاني استُهدف التعليم من خلال عدة أمور كان أبرزها الموازنات الضئيلة التي رصدها الاحتلال لهذا الغرض. فقد كان عدد المدارس قليلاً جداً مقارنة بعدد السكان. وقد بلغت نسبة الأطفال الفلسطينيين الذين حرموا من التعليم 67%، مقابل 3% فقط من أطفال اليهود. ومنذ ضم القدس عام 1967، اعتلى قطاع التعليم في القدس المحتلة سلم أولويات الاحتلال الاسرائيلي، نظراً لدوره الرئيسي في مسيرة النضال والصمود وذلك للنيل من الإنسان والطالب المقدسي وصهره في المجتمع الإسرائيلي بطمس هويته الوطنية، وتوجيه الشباب إلى سوق العمل الإسرائيلي كأيد عاملة رخيصة، إلا أنَّ ذلك قوبل بوقفة وطنية فلسطينية مشرِّفة رافضة للقوانين الاسرائيلية من قبل المجتمع المقدسي أفراداً ومؤسسات.
لقد كان للوعي المجتمعي المقدسي صدىً كبير حيثُ أعلن عن مخاوفه من عملية السيطرة على فكر الانسان الفلسطيني العربي ومحو ذاكرته واستبدالها بذاكرة صهيونية، وقد تمخض عن ذلك فتح مدارس الأوقاف الاسلامية -كحل سريع - فكانت بمثابة صمام أمان لإنقاذ عروبة المناهج في القدس، حيث استوعبت الطلبة والمدرسين جنباً إلى جنب مع المدارس الأهلية الوطنية، التي كان لها الدور الوطني الكبير، في جعل إسرائيل تتراجع عن قرارها تدريجياً، بعدما تمَّ تفريغ مدارسها من الطلبة، وبذلك تمَّت إعادة المنهاج الأردني الذي كان يُدَرَّس في ذاك الوقت _ مع إجراء بعض التعديلات على معظم مواد العلوم الإنسانية بهدف تزوير وطمس كل ما يمت بصلة للهويّة الفلسطينية_ وإضافة اللغة العبرية كلغة أجنبية ثانية غير اللغة الانجليزية.
خطط وأساليب احتلالية
أكدت مديرة وحدة القدس في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ديمة السمان أنَّ إسرائيل اتّبعت خطّة محكمة لتدمير قطاع التّعليم في القدس من خلال ضرب محاوره الرّئيسة الثّلاثة وهي :المعلم والطالب والمنهاج، معلَّقة بالقول:" تقوم سلطات الاحتلال بوضع العقبات المختلفة أمام الطالب كي لا يحصل على حقه بتعليم الزامي مجاني جيد، ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن له هذا الحق، ومتغاضيةً عن مسؤولياتها القانونية تجاه شعب محتل، كما تحرمه من الوصول إلى مدرسته بسهولة، حيث إنَّ جدار الفصل والتوسع، أدى إلى عزل القدس عن باقي مدن الوطن، وبالتالي إلى اضطرار 20% من الطلبة على الأقل للمرور عبر حواجز مفروضة في محيط المدينة، (ثابتة أو طيّارة)، دون وجود أيَّة استثناءات لطلبة الثانوية العامة أثناء تأديتهم امتحاناتهم حيثُ يتم تعطيلهم وحجزهم في بعض الأحيان، مما يضيع عليهم عامهم الدراسي. هذا إضافة إلى وضع العراقيل المختلفة لإعاقة تكملة الطلبة دراساتهم الجامعية، وعدم الاعتراف بشهادة جامعاتهم في مدينة القدس".
مبانٍ دراسية مأساوية
تعاني المدارس في القدس بحسب السمان من نقص حاد في الغرف الصفية يصل إلى حوالي 1800 غرفة، فيما معظم الأبنية المدرسية هي عبارة عن مبانٍ سكنية تفتقر للشروط التعليمية والصحية، والمرافق التربوية المختلفة (الملاعب، والمختبرات، والمكتبات، الخ...)، إلى جانب تكاليف الاستئجار السنوية _لمدارس الأوقاف وحدها_ التي تصل حوالي مليون دولار سنوياً، مما يشكل عبئاً مادياً على التربية. وما يزيد الأمر سوءاً فرض القوانين الاسرائيلية للمخالفات والضرائب لدى وضع مدرسة لمظلة على السطح تقي الأطفال حر الشمس ومطر الشتاء، أو توسعة غرفة صفية تتسع لعشرين طالباً ليدرس بها أربعون طالباً، على سبيل المثال.
إضافةً إلى كل ذلك، فالوضع في مدارس البلدية والمعارف التي يتلقى فيها المقدسيون تعليمهم هي أكثر سوءاً من مدارس الأوقاف الإسلامية، ما يدفع بأولياء الأمور إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة والأهلية ذات الأقساط الباهظة، علماً أنَّ المقدسيين يسددون الضرائب المختلفة ولهم الحق الكامل بالحصول على التعليم اللائق والمجاني لأبنائهم، إلا أنَّ هذا لا يُطبق لأنَّ الاحتلال يتعامل معهم بصفتهم سكاناً دائمين لا مواطنين.


خالد الحسيني مواطن من مدينة القدس يسكن بلدة شعفاط ولديه ثلاثة أبناء يدرسون في مدارس القدس المحتلة، ويقول: "هناك نقص في الصفوف ما يسبب الاكتظاظ وحرمان الطالب والمعلم من جو دراسي مثالي. المفترض أن تتوافر في المدارس كل المقومات السليمة، كما هي الحال في القسم الغربي من المدينة، لكنَّ الطلاب ما زالوا يعانون في المدارس التي تشرف عليها بلدية القدس والمعارف الاسرائيلية. لذا فالمطلوب هو وجود هيئة مقدسية مستقلة تشرف على قطاع التعليم، وتعود إليها كل الجهات التي ترعى هذا القطاع حالياً، إلى جانب زيادة مخصصات التعليم من قبل كل الجهات المعنية بهذا القطاع".
أمَّا السيدة انتصار الشرفا ولديها خمسة أبناء في المدارس داخل الجدار، فتعلَّق بالقول: "مع بداية العام الدراسي الجديد يتضح حجم مأساة طلبة مدارس القدس المحتلة، فهناك من هو غير قادر على دفع الأقساط المدرسية المرتفعة، وهناك من هو حائر بعد فقدان الأمل بإيجاد مكان لابنه في أي مدرسة، هل يجعله يتسرب من المدرسة؟ أم ينقل مركز حياته إلى الضفة الغربية حتى لا يخسر ابنه تعليمه؟.
وتضيف السيدة انتصار "مع بداية العام الدراسي معركة المنهاج تشتد وتيرتها، بمحاولات الاحتلال المتكررة لتفريغ المنهاج الفلسطيني من محتواه ومضمونه. ورغم أنَّ الاتحادات والمؤسسات الأهلية والفعاليات الشعبية تنشط في إطار توزيع الكتب الفلسطينية التي أقرت السلطة الفلسطينية توزيعها مجاناً على طلبة القدس، فلسان حال المقدسيين يقول بأنَّ هذه الخطوة متأخرة وغير كافية، حيث إنَّ عملية إدخال الكتب من مخازن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في بلدة الرام خلف الجدار مكلفة، ومحفوفة بالمخاطر، والحل الأمثل لذلك هو أن تتخذ وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قراراً بطباعة كتب المنهاج الفلسطيني داخل حدود ما يسمى بلدية القدس وبالتحديد داخل جدار الفصل العنصري، إضافةً لايجاد سبل للاستعاضة عن التمويل الإسرائيلي المشروط، علماً أنَّ بعض الحلول هي في متناول اليد كأن يصار للتشاور مع الشركات أو المؤسسات الكبرى مثل جوال والوطنية للاتصالات وشركة كهرباء القدس وغيرها، لفرض مبالغ رمزية على فاتورة كل مواطن فلسطيني كضريبة لدعم التعليم في القدس، أو تخصيص مبلغ سنوي تساهم به هذه الجهات لدعم قطاع التعليم".

وكانت التقارير الصادرة عن منظمات إسرائيلية حقوقية قد كشفت عن كون العملية التعليمية في القدس تعاني أوضاعاً، ما دفع حوالي 3500 من طلبة مدارس العيسوية الحكومية، للاضراب احتجاجاً على عدم توفر الغرف الصفية محملين بلدية الاحتلال ودائرة معارفها مسؤولية ذلك. ومن المتوقع أن يستمر الإضراب ويتصاعد ويتوسع ليشمل مدارس أخرى، حيثُ إنَّ بلدية الاحتلال ودائرة معارفها تصادر أراضي المقدسيين لتقيم عليها المستوطنات والحدائق التوراتية بدلاً من المدارس، فيما نصف الغرف الصفية التي تستأجرها لا تنطبق عليها شروط الصحة والسلامة، مما يؤدي إلى حشر ما يزيد عن 40 طالباً في الصف الواحد، ولهذه الأسباب نجد أنَّ نسبة التسرب من المدارس الحكومية في القدس هي من أعلى النسب على صعيد الوطن، فهي تصل في المرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى ما يتجاوز 17%، في حين ترتفع تلك النسبة لتصل إلى 40- 50 % في المرحلة الثانوية، ويتجلى ذلك حسب تقارير منظمات حقوقية إسرائيلية بوجود (24000) طالب مقدسي خارج العملية التعليمية، والوضع على جبهة المدارس الخاصة والأهلية ليس بالأقل سوءاً، رغم أنَّ جودة التعليم ترتفع عنها في المداس الحكومية، ولكن هذا التعليم كلفته المالية مرتفعة جداً، في وقتٍ بات فيه 78% من سكان القدس دون خط الفقر، وهذا يحتاج إلى نقاش جدي من قبل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والجهات المسؤولة وإدارات تلك المدارس، علماً أنَّ 40 من أصل 69 مدرسة خاصة وأهلية تتقاضى أموالاً تصل إلى (102) مليون شيكل من بلدية الاحتلال ودائرة معارفها، حيثُ وجدت الأخيرة في هذا الأمر فرصة سانحة لابتزاز هذه المدارس، في ظل الضائقة المالية التي تعانيها، وفرض منهاج تعليمي فلسطيني مشوه ومحرف عليها.
معاناة المعلم في القدس المحتلة
ترفض سلطات الاحتلال منح المعلمين من حملة هوية الضفة الغربية العلم أنَّ خط الفقر يصل إلى حوالي 4500 شيكل أي أكثر مما يحصِّله المعلم في القدس. ورغم أنَّ وزارة التربية الفلسطينية تدفع علاوة التصاريح اللازمة لدخول القدس، وبالنتيجة فهم يتعرضون على الحواجز للإعتقال والاذلال والتغريم وحتى حرمان بعضهم من السفر خارج البلاد، ما أثر على نسبة المعلمين التي انخفضت من 60% قبل عام 2000 إلى 28% حالياً. أمَّا المعلمون حملة الهوية الزرقاء، أي المقدسيون، فهم يعيشون ازدواجية الراتب الضئيل وغلاء المعيشة في القدس مقابل الضرائب والتأمينات الإجبارية المفروضة عليهم، وتصل إلى 1500 شيكل شهرياً لمعلمي القدس فوق راتبهم، إلا أنَّ الراتب لم يصل للآن إلى الحد الذي يتناسب وغلاء المعيشة. وهكذا تكون النتيجة بأن يعمد المعلم لايجاد وظيفة بديلة أو وظيفة أخرى بعد الدوام المدرسي، أو حتى لترك مدرسته والانتقال لمدارس البلدية والمعارف التي تدفع ضعفي ما تدفعه مدارس الأوقاف، الأمر الذي يتسبب بنقص حاد بالتخصصات لدى الكادر التعليمي لمدارس الأوقاف، وخاصة الذكور، ليتحقق مخطط الاحتلال باستهداف العملية التعليمية ونوعية التعليم.

المناهج التعليمية
حول مسألة التدخلات في المناهج التعليمية تقول السمان: "منذ ضم القدس عام 1967 وحتى يومنا هذالم تسلم المناهج التعليمية من محاولات التهويد بشتى الوسائل.
ففي عام 2000 دخلت إلى مدارس فلسطين مناهج فلسطينية تعليمية وطنية وحدت التعليم في جناحَي الوطن، وزخرت بالقيم والمبادىء بعيداً عن العنصرية والتزييف. إلا أنَّ اسرائيل شنَّت حملات إعلامية مسعورة عليها بحجة كونها تحريضية تدعو لكراهية اسرائيل. فسحبت الدول المانحة التي كانت تموِّل طباعة الكتب مساعداتها متأثرة بذلك. ورغم أنَّ نتائج الدراسات التي رُصدت للتحقق من المناهج أثبتت أنَّها موضوعية ولا تؤثر على السلام، إلا أنَّ اسرائيل لا زالت تشكو منها مطالبةً بإسقاط مفاهيم "وطنيّة" من الذاكرة الفلسطينية وإلغاء مصطلح الوطن والمواطنة وشهيد الوطن في الكتب المدرسية-لعلمها بمدى تأثيرها، متناسيةً أنَّ مناهجها الدراسية عنصرية تسعى إلى تشويه وتزوير التاريخ".

ركائز نشر الفكر الصهيوني
أشارت السمان إلى محاولة اسرائيل مؤخراً تغيير محتوى المنهج الدراسي لعام 2011- 2012، من خلال إعادة طباعة كتب المناهج الفلسطينية مع تعديلات تشمل إضافة كل ما من شأنَّه إحياء الذاكرة الصهيونية وترسخها، وزرع مفاهيمها وقيمها في عقول طلبتنا الفلسطينيين، مقابل حذف كل ما له علاقة بالانتماء الوطني الفلسطيني مثل الأبيات الشعرية والآيات القرآنية وكل ما يتناول القضية الفلسطينية بما فيه حق العودة والإنتفاضة، وتنمية روح المقاومة وتمجيد الاستشهاد والأسرى، والتمسك بالأرض والوطن، وإحراق المسجد الأقصى، والقائد صلاح الدين الأيوبي والنشيد الوطني الفلسطيني وصورة العلم وغيرها، ضاربةً بعرض الحائط أنَّ حقوق الطبع محفوظة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومتجاهلةً أنَّ مناهجها تدعو بصورة مباشرة إلى التحريض وإلى العنف تجاه الفلسطينيين، حيثُ أنَّ كتب الجغرافيا لا يتم تحديد حدود لدولة إسرائيل فيها بذريعة أنَّ هذه الحدود القائمة عرضة للتغيير السياسي، ولا تمثّل حدود دولة إسرائيل القديمة التي تمتد من النيل إلى الفرات، علماً أنهم اعترضوا بشدة على المناهج الفلسطينيّة  لأنها لم تحدّد حدوداً لدولتها، كما أنَّهم رفضوا حتى مصطلح (فلسطين التاريخية)، هذا عدا عن أنَّ صفات العربي في المناهج الإسرائيلية هي عبارة عن ألفاظ مسيئة وفي تعاليمهم "من يقتل العربي لا يؤثم بل يُثاب". والغريب بالأمر أنَّ لا أحد طالب بتحليل المناهج الفلسطينية الإسرائيلية وتأثيرها على عملية السلام، والتي يتجلى تأثيرها بوضوح يومياً، من خلال ممارسات الجنود اللاإنسانية التي لا تفرق بين شيخ أو طفل أو حتى امرأة حامل.
وفوق ذلك، هناك50% من طلابنا الفلسطينيين في القدس الشريف(وهم طلاب مدارس البلدية والمعارف الإسرائيلية) إلى جانب 28% من طلاب المدارس المقدسية الخاصة يدرسون المناهج المتلاعب فيها، وبذلك تصل نسبة السيطرة الإسرائيلية على التعليم في القدس إلى حوالي 80%، جراء تعميم إدارة معارف الإحتلال في القدس بتاريخ 7/ 3/ 2011 قرار على جميع المدارس الخاصة (المعترف بها وغير الرسمية) التي تتلقى مخصصات مالية منها، يقتضي بالتقيد بشراء كتب المناهج الفلسطينية التي أعادت بلدية الاحتلال طباعتها، مما يعني استبدال المنهاج الفلسطيني الوطني بمنهاج البجروت الاسرائيلي، الذي تعتبره جامعاتنا الفلسطينية وبعض جامعات الدول العربية الشقيقة رديفاً للتوجيهي.
وتستخدم دولة الاحتلال شتى الطرق للدخول إلى المدارس الفلسطينية في القدس الشريف ومن هذه الطرق ايضاً استخدام انجازاتها للعبث بعقول الطلاب الفلسطينيين، فتقول السمان "إنَّ القطار الخفيف المخترق لقلب القدس ظاهره مدني، باطنه استيطاني تهويدي.فتتم زيارة المدارس بحجة توعية الطلاب حول التعامل مع القطار الكهربائي الذي يطلقون عليه اسم (القطار الخفيف) والذي يهدف إلى ربط المستوطنات ببعضها البعض وتسهيل حركة المستوطنين داخل الأحياء العربية الفلسطينية من جهة، وقطع الأحياء العربية في القدس عن بعضها البعض من جهة ثانية. هذا ويتم في المدارس المقدسية الخاصة تسويق القطار من خلال عرض الايجابيات من وجهة الاحتلال، في ظل رفض مقدسي وفلسطيني وعربي ومؤسسات تعنى بحقوق الانسان للقطار، لما سيجره من انتهاكات أخرى بحق القدس والمقدسيين".
حراك الشارع المقدسي
انتفض الشارع المقدسي بكافة أطيافه وقطاعاته لمقاومة تصعيد الهجمة الإسرائيلية ضد المنهاج والهوية الفلسطينية، من خلال تشكيل هيئة للحفاظ على المناهج الفلسطينية في القدس ضمَّت المؤسسات والفعاليات الأهلية المقدسية ولجان أولياء الأمور والتربية والتعليم واتحادات الطلبة والمعلمين، حيثُ تمَّ عقد العديد من الإجتماعات والمؤتمرات الصحفية وتنظيم الفعاليات الشعبية، بما فيها إعلان الإضراب الجزئي. وتمَّ إصدار العديد من النشرات التوعوية الموجهة لأولياء الأمور والطلبة والمعلمين وإدارات المدارس والتي توضح خطورة التحريف والعبث بالمنهاج الفلسطيني. وفي هذا الشأن تضيف السمان "كان لرجال الدين الإسلامي والمسيحي دور فعال في مقاومة المخطط الاحتلالي عبر منابر المساجد والصلوات في الكنائس. وتمَّ توجيه الرسائل التحذيرية للبلدية الإسرائيلية ولوزير التربية والتعليم الإسرائيلي لتوضيح خطورة قرار التدخل في المنهاج على العملية التعليمية في القدس وتأكيد رفض المقدسيين التام لهذا التدخل ومقاومته. كما عُقدت الإجتماعات مع وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية لوضعها في صورة ما يحدث وطلب الدعم والمساندة في حملة مقاومة التحريف والتزوير باعتبارها صاحبة الحق في طباعة المنهاج وطلب توزيع الكتب الفلسطينية مجاناً على طلبة القدس.
وعلى المستوى القانوني كان لا بدَّ من رفع دعاوى قضائية ضد بلدية الإحتلال لمخالفتها قوانين المطبوعات وحقوق الملكية الفكرية بإعادة طباعتها وحذفها للمنهاج دون إذن صاحب الملكية، مما يعتبر خرقاً لقوانين الطبع وجزءاً من القانون الجنائي يحاكَم عليه بالحبس حتى في القوانين المحلية الإسرائيلية.


أمَّا على المستوى الجماهيري، فتم توحيد الصفوف والتركيز على التعبئة الشعبية والتخطيط والتنسيق المشترك لكافة الأطر المقدسية ، كما سُحبت الكتب المحرفة من أيدي الطلبة ومستودعات المدارس واستُبدلت بالأصلية، إضافةً إلى التوجه للمطابع العربية التي تطبع الكتب وحثها على العودة للصف الوطني والتوقف عن تسويق سياسة الإحتلال. وعلى المستوى الإعلامي، تمَّ تفعيل دور الإعلام المقروء والمرئي والمسموع وبشكل دوري وممنهج يسهم في نشر التوعية والتنبيه لخطورة استهداف المنهاج الفلسطيني في القدس. وأخيراً، تمَّ على المستوى العربي والإسلامي رفع الرسائل لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة الدول والمؤسسات العربية والإسلامية لتقديم كافة أشكال الدعم للمقدسيين في نضالهم وتعزيز صمودهم وحماية موروثهم الديني والحضاري والثقافي والتعليمي.
ومن الناحية الدولية تمَّ توجيه رسائل إلى البعثات الدبلوماسية والهيئات الدولية لمطالبة اسرائيل بالتراجع عن هذه الخطوة باعتبارها مخالفة للقوانين والمعاهدات الدولية( المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان").
إنَّ معركة السيطرة على العملية التعليمية في القدس ستستمر وتتصاعد، وخصوصاً أنَّ الاحتلال يعتبر القدس "عاصمة أبدية" لدولته، وبالتالي ما يجري تطبيقه وفرضه على قطاع التعليم العربي في الداخل الفلسطيني، سيجري سحبه على قطاع التعليم في القدس، لا سيما وأنَّ وزير التعليم الصهيوني جدعون ساغر اتخذ قراراً في 25 أيار الماضي بتدريس موضوع ثقافي عن شخصيات إسرائيلية في المنهاج التعليمي العربي في الداخل الفلسطيني، وفي المدارس التي تدرس المنهاج التعليمي الإسرائيلي "البجروت" في القدس، أمَّا الشخصيتان اللتان تم ترشيحهما لذلك فهما بن غوريون ومناحيم بيغن، وهما من الشخصيات التي لها دور مركزي في نكبة شعبنا الفلسطيني وارتكاب الكثير من الجرائم والمظالم بحقه، ولذلك فلا جدوى بعد الآن من الندب والبكاء وسياسة التشكي، فلا سيادة وطنية بدون منهاج تعليمي وطني، والهزيمة على جبهة الوعي هي من أخطر أنواع الهزائم، فهل تعي الجهات المسؤولة حجم الكارثة؟!! 



No comments:

Post a Comment