التعليم في القدس مسؤولية من...؟؟


التعليم في القدس مسؤولية من...؟؟



مع كل بداية عام دراسي يتجدد الحديث عن ضائقة التعليم في القدس وهي ضائقة مستمرة منذ سنوات دون أن تحظى بما تستحقه من الاهتمام والمتابعة من الجهة صاحبة المسؤولية عن هذا القطاع الذي بات انهياره وشيكا بعد أن انهارت في القدس خلال السنوات القليلة الماضية قطاعات حيوية أخرى مثل: الصحة، والاقتصاد، والسياحة، بالتزامن مع حالة الانهيار المؤسساتي وإغلاق الاحتلال عشرات المؤسسات ,مثلها اضطر أصحابها إلى إغلاقها بداعي الأزمة المالية والتي تهدد في قادم الأيام بإغلاق مؤسسات أخرى كبرى مثل: شركة كهرباء القدس، ومستشفى المقاصد.

لقد عرض التقرير الأخير لجمعية حقوق المواطن، ومنظمة "عير عميم" الإسرائيليتين معطيات قائمة عن واقع التعليم في القدس، وما يواجهه من تحديات خطيرة جدا على المستوى الوطني، في وقت يكثر فيه الحديث عن الحفاظ على عروبة القدس ودعم الوجود الفلسطيني المقدسي فيها.

فالتقرير الذي استند إلى أحدث معطيات بلدية الاحتلال في القدس حول واقع التعليم في القدس الشرقية المحتلة تطرق إلى قضية هامة، وهي ارتفاع أعداد الطلبة المقدسيين ممن هم بلا إطار تعليمي، فيما تجاهلت معطيات البلدية وجودهم دون أن تفسر أسباب هذا التجاهل، علما بأن المعطيات الفلسطينية كانت تتحدث في السابق عن عشرة آلاف تلميذ فقط محرومون من حقهم في التعليم بسبب النقص الحاد في عدد المدارس والغرف الصفية في معظم أحياء المدينة، ما يعني زيادة في أعداد المتسربين من المدارس، وتدهور نوعي أضافي في مستويات التعليم.

وحري بنا في هذه العجالة التوقف عند معطيات التقرير، لعل فيها ما ينبه أصحاب السلطة والقرار لدينا إلى خطورة الواقع المعاش في القدس، ويذكرهم بمسؤولياتهم حيال هذا الواقع الكارثي كي لا نفقد أهم مقومات صمود مواطنينا في القدس.

لقد دلت معطيات التقرير إلى أن نسبة التسرب في مدارس القدس هي الأعلى، حيث يبلغ معدل التسرب من الصف السابع وحتى الثاني عشر 17.3% . أما في صفوف الثاني عشر لوحدها فتصل إلى 40%. ومن أصل 15 ألف طفل مقدسي استوعبت رياض الأطفال التابعة للبلدية 800 طفل فقط للسنة الدراسية الجديدة 2012- 2013 ، على الرغم من قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير بمجانية التعليم لكل الأطفال في هذه السن العمرية.

في حين بلغ الاكتظاظ في المدارس التي تديرها البلدية حدا غير مسبوق وصل إلى 32 طالبا مقابل 24 طالبا في القدس الغربية، ولم تتمكن بلدية الاحتلال من سد الضائقة في الغرف الصفية بالرغم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بهذا الشأن، حيث لم يتجاوز عدد الغرف التي أضيفت إلى المدارس القائمة 33 غرفة صفية، في حين أن احتياجات تلك المدارس يصل إلى 1100 غرفة حتى العام 2016.

مع ذلك يبرز التقرير معطيات متضاربة حول العدد الفعلي للطلبة المقدسيين في مدارس القدس الشرقية، حيث تشير معطيات مديريات التربية الفلسطينية إلى وجود 88845 طالب ما بين السادسة والثامنة عشرة في العام 2012، من بينهم أكثر من 86 ألف طالب التحقوا بمؤسسات تعليمية، بينما تشير معطيات البلدية إلى أعداد أخرى، حيث تقدر عدد الأطفال المقدسيين من سن السادسة وحتى الثامنة عشرة ب 107 ألاف طفل ، إضافة إلى نحو 4 آلاف طفل في رياض الأطفال.

إن التوقف عند هذه المعطيات وتحليلها يستوجب من مديرية التربية والتعليم التابعة لوزارة التربية الفلسطينية والتي تدير نحو عشرين مدرسة في القدس مقارنة هذه المعطيات مع ما لديها حتى يكون بالإمكان وضع استراتيجية وطنية فلسطينية لقطاع التعليم في القدس تأخذ بالاعتبار احتياجات هذا القطاع من المدارس والغرف الصفية، وتؤمن ظروف عمل مناسبة لقطاع المعلمين في المدنية حتى لا تنتقل عدوى التسرب من التلاميذ إلى معلميهم خاصة أن عددا كبيرا من هؤلاء انتقل للعمل في مدارس البلدية ووزارة المعارف الإسرائيليتين، وهي أولا وقبل كل شيء مسؤولية وطنية فلسطينية، قبل أن تكون مسؤولية الاحتلال الذي يشرف على عدد أكبر من المدارس وصل إلى أكثر من 40 مدرسة، فهل نرتقي إلى مستوى هذا التحدي والمسؤولية؟؟



No comments:

Post a Comment