الاحتلال يهوّد التعليم في القدس


الاحتلال يهود التعليم في مدينة القدس.
المحتلة - الدستور - جمال جمال
التاريخ : 18-10-2010

كشف تقرير خاص صادر عن وحدة شؤون القدس ووزارة الإعلام الفلسطينية في رام الله ان الاحتلال يلعب دورا كبيرا في تجهيل الطلبة المقدسيين ، وغياب عملية تعليمية مسؤولة ترقى بمستوى التعليم الجيد
وقال التقرير الذي حصلت "الدستور" على نسخة منه ، ان الاحتلال يريد بذلك أسرلة وتهويد القدس ومؤسساتها ، في أكثر مكان تنصقل فيه شخصية الإنسان في مرحلة طفولته وهي المدرسة والأسرة ، فالوضع المعيشي يزيد من صعوبة الأمر ويفاقمه ، وتغيب بذلك الهوية الوطنية الفلسطينية ، فالتعليم مستهدف والقدس مستهدفة والحياة اليومية فيها بشكل عام مستهدفة من قبل الاحتلال.
وبين التقرير ان حوالي 31,5 % من سكان القدس في سن التعليم العام منهم 26,5% في سن التعليم الأساسي و4,5% في سن التعلم الثانوي ، أن إجمالي طلاب التعليم العام بالقدس يقدر بـ122449 منهم 79418 طالبًا داخل الحواجز 43031و طالبًا يقطنون ضواحي القدس. بيد أن معدل التحاق المقدسيين في التعليم العام 74,3% ، وهذا المعدل أقل من معدل الضفة الغربية وقطاع غزة والبالغ 87,5% ، وأن انخفاض معدل الالتحاق المقدسيين بالمقارنة مع الضفة وغزة ناتج عن انخفاض معدل الالتحاق في المرحلة الثانوية ويبلغ 52,6% في حين يبلغ المعدل في الضفة وغزة %57 ، وهذا ناتج عن رغبة الطلبة في العمل بدلاً من إكمال دراستهم الثانوية ، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء مدينة القدس. واوضح "ان الواقع التعليمي في القدس الشريف هو حصيلة تعدد أنظمة التعليم المطبقة في المدينة في ظل غياب سلطة وطنية تربوية تشرف على هذا التعدد في أنظمة التعليم ، وأن هذه التعددية في ظل غياب السلطة الوطنية ذات المرجعية الملزمة أدَّت إلى ظهور سلبيات في العملية التعليمية منها انخفاض نوعية التعليم وتفشي ظاهرة التسرب وعدم تطبيق التعليم الإلزامي.


وقال "سلطات الاحتلال تتبع حاليًا سياسة لجذب الطلبة المقدسيين إلى المدارس التابعة لها على حساب المدارس الخاصة والمدارس التابعة للأوقاف من أجل فرض وتدعيم سيطرتها على المؤسسات التعليمية. كما تمارس التضييق على المدارس الحكومية والتابعة للأوقاف: بمنعها من التوسع والحدًّ من البناء ، وإجراء الصيانة الدورية للمدارس ، مما يرفع من مستوى الازدحام في الغرف الصفية ، ويقلل من قدرات هذه المدارس الاستيعابية لدفع الطلبة للالتحاق بمدارسها. كما تعترف وزارة الداخلية بعائلات الطلبة المنتسبين إلى مدارس المعارف والبلدية كمقيمين في القدس ، بينما الطلبة المنتسبين إلى المدارس الوطنية لا تعتبر دليلاً على الإقامة في المدينة وتتعرض اسرهم لسحب هوياتهم.


التعليم في القدس بعد أوسلو


القدس - حقائق واخبار
التعليم في القدس بعد أوسلو
09/03/2010 17:23:00

التعليم في القدس بعد اتفاقية أوسلو
إعداد: اعتدال الأشهب
عضو أمانة المؤتمر الشعبي للقدس/دائرة التعليم
نائبة مدير مديرية تربية القدس سابقا

       قامت سلطات الاحتلال في القدس الشريف وعلى مدى الأربعة عقود الماضية بانتهاج العديد من الممارسات، هدفت إلى فرض واقع جديد على الأرض، بهدم المنازل العربية ومصادرة الأرض، وطرد سكانها خارج ما يسمى بحدود بلدية القدس حسب التقسيمات الادارية للمحتلين، وعملت على الإخلال بالتوازن الديموغرافي لصالح اليهود، داخل حدود المدينة خاصة داخل أسوار القدس. وعملت على ضم المؤسسات الرسمية، وإصدار القوانين والتشريعات التي تكرس عملية التهويد، وحاصرت المؤسسات العربية مجبرة إياها على نقل مكاتبها خارج القدس، وقطعت الطريق على قطاع التعليم والقطاع الصحي من التطور والتوسع أفقيا ورأسيا.
        تتعرض القدس لهجمة شرسة تطال البشر والحجر، ويتسارع الفعل على الأرض لتهويد المدينة وتغيير معالمها، ويسابق الإسرائيليون الزمن بتسريع عمليات الحفريات، وإقامة شبكات الأنفاق تحت الحرم الشريف، استعدادا لمرحلة قادمة يتزامن فيها العمل تحت الأرض مع زيادة هائلة في حجم بناء الوحدات السكنية الاستيطانية في وسط الأحياء السكنية العربية، لتبتلع المستوطنات ما حولها. وعلى الجانب الآخر –الفلسطيني – فلا مرجعية لهذه المدينة ولا رؤية واضحة حول مصيرها، مما أصاب كل قطاعاتها بالشلل والتلاشي التدريجي. وأمام هذه الحالة فقد المقدسيون بوصلتهم نحو المستقبل. يقابل هذا الوضع سرعة من الجانب الإسرائيلي بتهويد المدينة، وضرب كل قطاع فيها يعمل على تثبيت عروبتها. وعلى رأس هذه القطاعات قطاع التعليم التابع لوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، والذي يعمل تحت مظلة دائرة الأوقاف العامة، والذي يعيش الآن كارثة حقيقية بعد أن اكتمل بناء جدار التوسع الاسرائيلي وأحكم إغلاق مدينة القدس،وعزلها بالكامل عن امتدادها الفلسطيني والعربي.
       أهمل هذا القطاع ولم يتطور بالمستوى المطلوب، لا أفقيا ولا رأسيا، تتجاذبه مشاكل في جزء منها تخضع للإرادة السياسية الفلسطينية والمصير المؤجل للقدس، ومشاكل أخرى موضوعية، وثالثة مهنية. ويتأثر هذا الجهاز بالتجاذبات السياسية التي تؤثر سلبا على موارده البشرية، حتى أصبح محطة عبور مؤقتة للموظفين، وعليه تعرض لهجرة التخصصات والكفاءات، ولا يدار بشكل مهني يرقى لمواجهة الخطر المحدق بهذه المديرية، ومواجهة ما يترتب على ضعف هذه المرجعية من نتائج على مستقبل التعليم في القدس.
       حتى عام 1967م اهتمت الحكومة الأردنية بالتعليم العام في القدس، وبالإضافة إلى النظام المدني، فقد توفر التعليم في المؤسسات الخاصة التابعة للأوقاف الإسلامية والمسيحية، إلى جانب مدارس وكالة غوث اللاجئين، بعد حرب حزيران 1967 العدوانية ضمت إسرائيل القدس بقانون خاص يقضي بتعليم المنهاج  الإسرائيلي تحت الإشراف الإسرائيلي الكامل، وفشلت في حينه بالاستجابة للالتزام القانوني الذي يقضي بتوفير التعليم المجاني للجميع.
     وقد قاوم المقدسيون قرار الضم، وسحبوا أبناءهم من المدارس العامة، وتوجه معظمهم إلى المدارس التابعة لدائرة الأوقاف الاسلامية والقطاع الخاص، ومدارس وكالة غوث اللآجئين، وقاوم الأحرار من التربويين الوضع، وأبقوا على تعليم المنهاج الأردني حفاظا على عروبة التعليم في القدس، مما أجبر السلطات الإسرائيلية على إعادة تدريس المنهاج الأردني تحسبا من انهيار النظام التعليمي المدني. وبهذا تم تطبيق المنهاج العربي الأردني بالكامل نتيجة لفشل سياسة الاحتلال بالسيطرة على قطاع التعليم وتهويده، وذلك أمام إصرار ومقاومة المقدسيين ومقاطعتهم للمدارس الرسمية التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال .
التعليم في القدس بعد إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994م:
      في عام 1993 جاء اتفاق أوسلو بإقامة السلطة الفلسطينية، ضمن الحكم الذاتي المحدود والذي يتيح لإسرائيل التحكم في كل شيء، وبموجب هذه الاتفاقية تسلمت السلطة الوطنية الإشراف على التعليم اعتبارا من عام 1994م، حيث أبقت السلطة على النظام التربوي الأردني إلى حين الشروع بوضع منهاج تعليم فلسطيني جديد مستندة في ذلك على الحقائق الجديدة على الأرض.
       إن الواقع التعليمي في القدس الشريف، هو حصيلة تعدد أنظمة التعليم في المدينة، وفي ظل غياب مرجعية واحدة تعبر عن هوية التعليم الوطنية في مدينة عانى مواطنوها من سرقة هويتهم لأكثر من 60 عاما ولا  يزالون. هذه التعددية في ظل غياب المرجعية الملزمة أدت إلى ظهور سلبيات في العملية التعليمية، منها: تدني نوعية التعليم، وتفشي ظاهرة التسرب، وعدم تطبيق قانون التعليم الإلزامي الذي أدى إلى وجود أعداد هائلة خارج إطار التعليم.

الإدارة التعليمية الإسرائيلية لمؤسسات التعليم وتناميها على حساب مؤسسات التعليم الوطنية:
يتوفر التعليم الإبتدائي والثانوي في أربعة أنواع من المؤسسات التعليمية باختلاف جهات الإشراف عليها .
جدول  يبين توزيع المدارس في القدس حسب السلطة المشرفة للعام الدراسي  2008/2009 م .
المجموع
مدارس بلدية/معارف/سخنين
المدارس الخاصة
مدارس الأوقاف
مدارس الوكالة
الجهة المشرفة
147
50
51
38
8
عدد المدارس
89458
54039
19729
12246
3444
عدد الطلبة
100 %
60 %
22 %
14 %
4 %
نسبة الإستيعاب
     
يلاحظ ازديادا كبيرا في أعداد الملتحقين في مدارس البلدية والمعارف ومدارس المقاولات  لتصل نسبة الاستيعاب تحت مظلة الإدارة التعليمية الإسرائيلية إلى مايزيد عن 60% من اعداد الطلبة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.
    البحث في النفوذ الإسرائيلي الحكومي الواسع على المدارس:
الإدارة الإسرائيلية للتعليم في القدس نوعان: مباشرة وغير مباشرة.
         أما المباشرة: فتتم عبر وزارة المعارف وبلدية القدس، يضاف إليها مدارس المقاولات - التعليم بالمقاولة حيث تأخذ هذه المدارس مخصصاتها من وزارة المعارف حسب عدد الطلاب، وهي مدارس معترف بها غير رسمية ولاتخضع لأي إشراف-.
         غير المباشرة: وتتم عبر السيطرة على المدارس الخاصة، حيث تتلقى تلك المدارس معونات من بلدية الاحتلال في سابقة مقلقة ومعيقة لتنفيذ السياسات الفلسطينية.ويترتب على تلقي هذه المدارس للمعونات تدخل الإدارة التعليمية الإسرائيلية في سياسات هذه المدارس، تبدأبفرض شروط معينة لترخيصها وتصل للتدخل السافر في رسم سياساتها.
        وعليه، يجب البحث في النفوذ الإسرائيلي الحكومي الواسع على المدارس، والإغراءات المالية المقدمة للقطاع الأهلي والخاص، ونقل الإدارة التعليمية الإسرائيلية غير المباشرة على التعليم في القدس عبر المعونات المقدمة للمدارس الخاصة، فهي كالسم في الدسم الذي سيسلب الفلسطينيين السيادة على قطاع التعليم وإمكانية توجيهه. وعليه ربط التعليم العربي بالمؤسسات الإسرائيلية طوعا على نحو ما جرى للقطاع الصحي. والانصهار في هذه الحالة يقتل روح التحدي والصمود لدى المقدسيين، وينشر ثقافة التطبيع والتعايش مع الاحتلال .
ماذا تعني سيطرة الإدارة التعليمية في القدس على مايزيد عن 60 % من قطاع التعليم بعد أوسلو؟
        مشاكل التعليم المتأصلة في القدس مسؤولية وطنية وحق للجميع، وبناء على ما جاء في توقيع اتفاقية أوسلو في 13 أيلول 1993 م بقيت قضية القدس معلقة، ومؤجلة لإشعار آخر، وقد استغل الجانب الإسرائيلي اتفاقية أوسلو لتهويد القدس والقضاء على الوجود العربي الإسلامي فيها. وهي قضية معلقة من جانب واحد، فالطرف الفلسطيني الملتزم بالتنفيذ، ويقابله موقف إسرائيلي واضح المعالم.. وهو مواصلة تهويد و أسرلة القدس بدون توقف.
       وعمد الاحتلال الصهيوني في إطار سعيه لتهويد مدينة القدس تاريخيا وجغرافيا وحضاريا ومنذ احتلال الشطر الشرقي من المدينة في 5/6/1967 م وحتى يومنا هذا إلى الاهتمام الكبير بقطاع التعليم باعتباره حلقة من حلقات مخططات تهويد القدس، واتخذت العديد من الإجراءات بحق قطاع التعليم ومؤسساته والقائمين عليه لتحقيق أهدافها من أجل فرض واقع جديد على المدينة، على أساس أن القدس أصبحت جزءا من دولتها المزعومة بعد أن ضمتها بقانون خاص، وإعلانها مدينة موحدة وعاصمة أبدية لها، فوضعت يدها على جميع المدارس الحكومية ومديريات التعليم، وميزت أهل القدس بلون الهوية لتأكيد فصل القدس عن باقي الجسم الفلسطيني .
     التعليم من أجل السلام هو شرط أوسلو :
       التزم الجانب الفلسطيني بتنفيذ برامج تعليم تعمل على تطوير التعليم من أجل السلام، ووقف التحريض بشكل عام منذ وفاة الشهيد ياسر عرفات في نوفمبر/2004 م  والتزام السلطة بمنع التحريض في وسائل إعلامها، حيث تعهدت القيادة الفلسطينية، وأخذت على عاتقها طوال عملية أوسلو للسلام في المادة الثانية والعشرين من أيلول/1995 م، الاتفاق المؤقت (أوسلو الثانية)، ضمان أن كل النظم التعليمية تسهم في تحقيق السلام بين الشعبين من جانب واحد (الفلسطيني)، والعمل على تغيير الوعي الفلسطيني في المناهج على مستوى الوطن .

      ووفقا لخريطة الطريق:
يتم الوفاء بعقد الرباعية مؤتمرا دوليا بهدف إطلاق عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة، بعد أن تأخذ السلطة الفلسطينية خطوات فعالة في مجال التعليم ونظم الاتصالات وتعزيز قبول وجود إسرائيل، وأن تعمل بنشاط على تثبيط التحريض المناهض لإسرائيل.
     في أكتوبر/ 1998 م جاء في مذكرة واي ريفر:
     مرسوم يحظر كل أشكال التحريض على العنف والإرهاب وإنشاء آلية للتنفيذ، وتوج المرسوم بطباعة خرائط شملت دولة إسرائيل. لقد لبى المنهاج الفلسطيني الرؤية الإسرائيلية أملا بأن تقابل نواياهم "الجانب الفلسطيني" بنفس المصداقية، ومن شهادات الجانب الإسرائيلي على هذه التضحية ما جاء في التحريض على النظام التربوي الفلسطيني للدكتور أرنون الذي يرأس مشروع دراسة المنهاج الفلسطيني تحت عنوان "تحسن قليل في الكتب المدرسية الفلسطينية، وتراجع في استخدام اللغة العدائية " يعترف عام 2005 م:
1 –  حدوث تحسن في منهاج الصف الحادي عشر، بظهور إشارات الى التاريخ اليهودي القديم.
2– التسامح بين الأديان.
3– استبدال كلمتي الجهاد والاستشهاد بالتأكيد على ضرورة الصمود ضد أعداء الإسلام .

     تقابل سلطة الاحتلال الإلتزام الفلسطيني من جانب واحد، بتعزيز الثقافة المعادية. إن مؤسس الحركة الصهيونية " ثيودور هيرتزل " يقول: "إذا حصلنا يوما على القدس، وكنت لا أزال حيا، وقادرا على القيام بفعل أي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدسا عند اليهود في القدس، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون .
      إسرائيل بالمقابل تسيطر على قطاع التعليم، وتفرض المفاهيم غير الفلسطينية، ولا سيما مع تزايد التطرف نحو اليمين داخل إسرائيل، ويخطط وزير التربية والتعليم الإسرائيلي جدعون ساغر(ليكود) لإلزام جميع الطلاب بدراسة توراة اليهودية والصهيونية، بكل مايتفرع عنه من توجهات ومناسبات وتقاليد وشخصيات، وحقهم في العودة والقدس عاصمتهم الأبدية، ليصل إلى فرض حذف مصطلح النكبة من المناهج التي تدرس في المدارس العربية داخل الخط الأخضر.

     وتبقى معركة السيطرة على المؤسسات التعليمية في القدس محتدمة، وفي الوقت الذي نرى فيه سيطرة الإدارة التعليمية الإسرائيلية على قطاع التعليم، لتصل نسبة الاستيعاب ما يزيد عن 60 %. يبقى الجانب الفلسطيني عاجزا عن المحافظة على الحد الأدنى من التوازن والتأثير على توجيه التعليم في القدس، إن تفعيل دور مديرية التربية والتعليم لمرجعية التعليم في القدس يبقى الخيار الوحيد واليتيم للحد من خطر توجيه التعليم من قبل الإدارة التعليمية الإسرائيلية، ويمكننا أن نرى بوضوح في القدس مدى تأثير ثقافة العدو على أبناء وبنات القدس.
إن جيل ما بعد أوسلو لاينسجم مع محيطه، فاقد لهويته الحقيقية وتائه، اختلطت عليه الأمور، وثقافة السلام السائدة بلا أفق فصلته عضويا عن باقي الجسم الفلسطيني. إن المحافظة على عروبة التعليم وحمايته من الأسرلة يحتاج إلى التمسك بحقنا بتوحيد التعليم في القدس وطنيا، وبما يحفظ هويتنا وثقافتنا الوطنية بعيدا عن النفوذ والتأثير الإسرائيليين، وتطوير واقع التعليم في القدس بما يعزز الصمود، والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية للمقدسيين، وتعزيز وعي المواطن المقدسي بأهمية التعليم في العملية التنموية والحفاظ على هويته وثقافته الوطنية، وتوجيه ثقافة الجيل الجديد نحو الصمود والدفاع عن حقهم في العيش في القدس.
من المهم تفعيل دور الإعلام عربيا ودوليا وتعرية السياسات الإسرائيلية وانتهاكها لحق المواطن المقدسي بالتعليم. وفي ذات السياق توعية الجمهور المقدسي حول توجيه التعليم وطنيا بما يخدم ويدعم صمودنا في مديريتنا، وحقنا في الدفاع عن مواطنينا وثقافتنا لنجتاز هذه المرحلة الخطرة في تاريخ قضيتنا الفلسطينية.

إسرائيل وتهويد التعليم في القدس


إسرائيل وتهويد التعليم في القدس
نبيل السهلي **



- الإجراءات الإسرائيلية تجاه التعليم
- مؤشرات ذات دلالة
- تجهيل المقدسيين وسبل المواجهة
- القرارات الدولية والإجراءات الإسرائيلية

سلطت وسائل الإعلام المختلفة في الآونة الأخيرة الضوء على مخاطر تهويد قطاع التعليم في مدينة القدس, وبالتالي تداعيات ذلك على المستقبل الديمغرافي في المدينة المقدسة, حيث تحاول حكومة نتنياهو في تسارع مع الزمن تهويد معالم ورموز مدينة القدس, فبعد اشتراطها القبول بيهودية الدولة من قبل السلطة الفلسطينية بغية الانطلاق بعملية التفاوض من جديد, تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى فرض وقائع استيطانية وتهويدية في مدينة القدس تطال هذه المرة البشر والحجر.
وفي هذا السياق ثمة حقائق برزت في الآونة الأخيرة حول خطوات وإجراءات إسرائيلية مدروسة ومحكمة للانقضاض على قطاع التعليم العربي في مدينة القدس, ما هي أهم المؤشرات التي تعكس ذلك, وهل ثمة إمكانية لمواجهة التوجهات الإسرائيلية في مدينة القدس؟ أسئلة متشعبة سنحاول الإجابة عليها في سياق عرضنا.
الإجراءات الإسرائيلية تجاه التعليم
يلحظ المتابع للسياسة الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو تنفذ مخططات عديدة في زمن واحد للتسريع في تهويد مدينة القدس, فمن جهة تستمر بمحاصرة مدينة القدس بالجدار العازل, وتشير التقارير إلى أن عمليات البناء في الجدار المذكور حول المدينة المقدسة باتت في نهاياتها, حيث لم يتبق من عمليات إتمام الجدار حول القدس سوى خمسين كيلومتراً طولياً من أصل 165 كيلومتراً , سيتم من خلالها عزل مدينة القدس ديمغرافياً وجغرافياً عن محيطها العربي في الضفة الغربية.
ومن جهة أخرى تسعى المؤسسات الإسرائيلية المختلفة وبدعم من حكومة نتنياهو من أجل تحقيق سيطرة مطلقة على قطاع التعليم العربي في مدينة القدس, وذلك بعد أن تمّ التحكم بنحو 66% من قطاع التعليم العربي في مدينة القدس, حيث تم فرض المناهج التعليمية على المدارس الابتدائية العربية هناك منذ عام 1968, وتبعاً لذلك تم استبدال كلمة فلسطين بكلمة إسرائيل والقدس بكلمة أورشليم, وتقوم وزارة المعارف الإسرائيلية بتزوير التاريخ والجغرافيا من خلال وضع مناهج تعليمية للطلاب العرب في القدس, حيث تشير بعض الحلقات الدراسية التي فرضتها إسرائيل في القدس إلى أن الإسلام هو مجرد تربية روحية وتاريخ الإسلام هو تاريخ فتن وكوارث, وهذا بحد ذاته يعتبر تزييفا لحقائق التاريخ.
ويشار إلى أن البرامج التي تدرس للأقلية العربية داخل الخط الأخضر هي ذاتها التي باتت تدرس في المدارس العربية في مدينة القدس, وقد تفرض عليهم مفاهيم ومصطلحات تتلاءم مع طرح فكرة يهودية الدولة, إضافة إلى احتمال تغيير وتهويد المئات من الأسماء العربية المتداولة في مدينة القدس التي تشهد نشاطاً استيطانياً محموماً في الآونة الأخيرة.
مؤشرات ذات دلالة

من الواضح أن حكومة نتنياهو تحاول التضييق على الطلبة العرب في مدينة القدس لإجبارهم على ترك القدس للاستئثار بخيارات التعليم، الأمر الذي يعرضهم للترانسفير من مدينة القدس تبعاً للقوانين الإسرائيلية الجائرة المشار إليها سابقاً .
وتقتضي الضرورة إظهار حجم معاناة الطلبة العرب المقدسيين من جراء السياسات الإسرائيلية المبرمجة ضد قطاع التعليم العربية, فثمة اكتظاظ شديد في الصفوف المدرسية والدوام في غالبية المدارس على فترتين, وهناك نقص حاد وكبير في المختبرات في المدارس العربية في القدس, ناهيك عن ضعف التجهيزات الرياضية وكذلك النقص الواضح للمعلمين والخدمات, فلا يوجد سوى حمام لكل ستين طالبا عربيا في مدارس القدس, وتمنع السلطات الإسرائيلية منذ عدة سنوات تطوير وتحديث وبناء غرف إضافية أو مدارس للطلبة العرب في القدس, الأمر الذي يحول دون استيعاب الطلبة الجدد عبر النمو الطبيعي للسكان الذي يزيد عن 3% سنوياً, وتبعاً لذلك فإن قطاع التعليم في مدينة القدس بحاجة إلى 1800 غرفة صف مدرسية لاستيعاب عشرة آلاف طالب هم المعروض من الطلاب الجدد سنوياً.
والملاحظ أيضا أن المدارس غير مؤهلة للتدريس الجيد بسبب قدمها وعدم القيام بعملية تحديث ضرورية. ومن الأهمية الإشارة أيضاً إلى أن وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية القدس الإسرائيلية منعتا منذ بداية العام الدراسي الحالي 2009-2010 التعليم المجاني للطلبة العرب في مدينة القدس, الأمر الذي سيحرم ثلاثين ألف طالب وطالبة مقدسية من فرص التعليم والتحصيل العلمي.
وفي نفس الاتجاه تشير التقارير إلى أن 5500 مقدسي هم دون إطار تعليمي رسمي, وفي ظل الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على مدينة القدس فإن الخيارات المالية باتت موصدة أمام الطالب والأسرة العربية هناك للتسجيل في مدارس خاصة, وتبعاً للسياسات الإسرائيلية المطبقة بحق قطاع التعليم من فرض للمناهج الإسرائيلية ومنع للتعليم المجاني, فإن حالة تسرب كبيرة ستحصل بين الطلبة العرب.
وفي هذا السياق تشير دراسات إلى أن نسبة تسرب الطلبة العرب في القدس قبل الوصول إلى المرحلة الثانوية وصل إلى نحو 50% في العقد الأخير, وسنشهد أيضاً هجرة قسرية من قبل أسر وطلاب فلسطينيين من القدس إلى مدن وقرى الضفة الغربية للبحث عن فرص تعليم مجانية, ما يؤدي في نهاية الأمر إلى منعهم من العودة إلى مناطق سكناهم في محافظة القدس بحجة قوانين إسرائيلية جائرة, أقلها حجة الإقامة خارج القدس لأكثر من عام وبالتالي الانقضاض على عقاراتهم ومنازلهم تحت مسميات مختلفة ولتصبح بعد ذلك ملكا لما يسمى هيئة أرض وأملاك إسرائيل.
تجهيل المقدسيين وسبل المواجهة
يلحظ المتابع للسياسات الإسرائيلية التهويدية في مدينة القدس بأنها آخذة بالصعود بكافة الاتجاهات في ظل الانقسام الفلسطيني والعربي الحاد, فجنباً إلى جنب مع الإخطارات لإفراغ المنازل العربية في أحياء القدس القديمة من أهلها بغية طرد أكثر من ثلاثين ألف عربي من تلك الأحياء, هناك توجه إسرائيلي حقيقي لتجهيل العرب المقدسيين بعد التضييق عليهم في مجال التحصيل العلمي, لدفعهم إلى الهجرة القسرية غير المباشرة كما ذكرنا إلى خارج القدس للإخلال في الميزان الديمغرافي لصالح تهويدها حتى عام 2020.
الأمر الذي يدفع المتابع للسياسات الإسرائيلية إزاء قطاع التعليم في القدس إلى طرح سؤال ما هي الأدوات التي يمتلكها العرب والمسلمين لمواجهة تحديات تجهيل الفلسطينيين في مدينة القدس والأهداف الإسرائيلية المبيتة من وراء ذلك؟
الجواب ببساطة, العمل الجاد والحقيقي من أجل ذلك يبدو جلياً, ويكمن بشكل أساسي في تهيئة الظروف لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بأقرب فرصة ممكنة, وخاصة أن التحدي المذكور يتعلق بتهويد مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, ناهيك عن ضرورة أن يرتقي العرب من نظم سياسية ومنظمات أهلية إلى حجم التحدي والابتعاد ما أمكن عن الشعارات لصالح دعم العرب المقدسيين وتثبيتهم في مواجهة السياسات الإسرائيلية, وإعطاء تلك المواجهة بعداً سياسياً ومالياً وإنسانيا ودبلوماسياً, وهذا يتطلب جهوداً عربية استثنائية لمخاطبة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالتعليم مثل اليونسكو وغيرها لتوضيح ما تقوم به إسرائيل من إجراءات منافية لأبسط قواعد القانون الدولي والأعراف الإنسانية ضد قطاع التعليم في مدينة القدس والمقدسات أيضاً, والوقت من دم والتاريخ لا يرحم.
القرارات الدولية والإجراءات الإسرائيلية

صدرت عدة قرارات دولية بشأن القدس منذ عام 1967، وسنحاول الإشارة إلى عدد منها:
• القرار رقم 2253 (4/7/1967) وأعربت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عن شدة قلقها للحالة السائدة في القدس نتيجة التدابير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير مركز المدينة، واعتبرت تلك التدابير غير صحيحة وطلب إلى إسرائيل إلغاءها والامتناع عن أي عمل من شأنه تغيير مركز القدس.
• القرار رقم 35/169 أ، ب، جـ، د، هـ(15/12/1980) حول قضية فلسطين، الذي طالبت فيه الجمعية العامة إسرائيل بأن تمتثل امتثالاً تاماً لجميع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالطابع التاريخي لمدينة القدس الشريف. والذي رفضت فيه الجمعية العامة إعلان إسرائيل أن القدس عاصمتها، وجاء القرار رقم 35/207 (16/12/1980) ليؤكد رفض الجمعية المذكورة بشدة لقرار السلطة الإسرائيلية بضم القدس وإعلانها عاصمة لها وتغيير طابعها المادي وتكوينها الديمغرافي وهيكلها المؤسس ومركزها، واعتبر كل التدابير والآثار المترتبة عليه باطلة أصلاً وطلب إلغاءها فوراً، وطلب إلى جميع الدول الأعضاء، والوكالات المتخصصة وسائر المنظمات الدولية الامتثال لهذا القرار وسائر القرارات المتصلة بالموضوع.
• دأبت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إصدار قرارات بالمضامين ذاتها في أوقات لاحقة. كما دأبت على إبراز اسم القدس في الغالبية العظمى من القرارات التي أصدرتها بشأن الأوضاع العامة في المناطق العربية المحتلة منذ عام 1967  -مع عبارة بما فيها القدس- وأبرزها: القرار رقم 2851 بتاريخ 20/12/1971، والقرار رقم 9249 بتاريخ 8/12/1972 والقرار رقم 2963 بتاريخ 13/12/1972، والقرار 3005 بتاريخ 15/12/1972، والقرار 32/5 بتاريخ 28/10/1977، وآخرها القرار 44/40 بتاريخ 4/12/1989، وجميع القرارات المذكورة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمنت إشارة ببطلان ورفض أية متغيرات في وضع القدس واعتبار القدس الشرقية جزءا من الأراضي المحتلة عام 1967.
• و قد أصدر مجلس الأمن أيضاً عدة قرارات بشأن القدس منذ عام 1967، منها: القرار 250 بتاريخ 27/4/1968 والقرار 251 بتاريخ 2/5/1968، والقرار 252 بتاريخ 21/5/1968، والقرار 271 بتاريخ 15/9/1969، والقرار 298 بتاريخ 25/9/1971، والقرار 476 بتاريخ 30/6/1980، والقرار 478 بتاريخ 20/8/1980، والقرار 672 بتاريخ 12/10/1990، وهناك مجموعة من القرارات الصادرة حتى بداية التسعينيات، وجميع تلك القرارات تشجب الانتهاكات الإسرائيلية في القدس، وتدعو إسرائيل لوقف إجراءاتها التهويدية في القدس، وبطلان تلك الإجراءات لتغيير هوية المدينة، كما تشجب القرارات: القرار 271 المذكور، عملية حريق الأقصى الحاصل يوم 21/8/1969، والقرار رقم 672 المذكور سابقاً، والذي دان أعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية يوم 8/10/1990 في الحرم القدسي الشريف، والطلب إلى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الوفاء ببقية التزاماتها ومسؤولياتها القانونية المقررة، بموجب اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدينة وقت الحرب التي تنطبق على جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967.
• وصدرت قرارات مختلفة إزاء قضية القدس من مؤسسات أخرى مثل المؤتمر العام لليونسكو، ولجنة حقوق الإنسان التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة ، كما صدرت عدة قرارات عن منظمات منبثقة عن الأمم المتحدة، وتمحورت جميع القرارات حول ضرورة عدم تغيير أوضاع مدينة القدس باعتبارها من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، ورفض وبطلان كافة الإجراءات الإسرائيلية في المدينة المقدسة، ويبرز القرار رقم (478) الصادر عن مجلس الأمن عام 1980، والقاضي ببطلان الضم الإسرائيلي للقدس الشرقية، ويبرز على أنه من أهم القرارات الدولية الصادرة بشأن القدس منذ عام 1967 وحتى عام 2009, لأنه ملزم ويظهر في نفس الوقت بأن كافة الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس باطلة, ومنها تلك الإجراءات إزاء قطاع التعليم العربي.

** كاتب وباحث فلسطيني  
المصدر: الجزيرة