التعليم في مدينة القدس




التعليم في مدينة القدس
نتيجة لنكبة 1948، انقسمت مدينة القدس إلى شطرين، وقع الجزء الغربي منها تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين دُمج الجزء الشرقي منها وباقي الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية، وبذلك أتبعا للنظام التعليمي الأردني.  وفي عام 1950 أُنشئت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي وفرت في البداية تعليماً مدته 9 أعوام للأطفال المقدسيين.
في 1994/8/28 أُنشئت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية فتسلمت هذه الوزارة مسؤولية التعليم بجميع جوانبه في الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء القدس، حيث استلمت فقط مدارس الأوقاف.
اليوم توزع الهيئات المشرفة على التعليم في القدس على أربع جهات رئيسة، هي: الأوقاف الإسلامية (وتتبع للسلطة الوطنية الفلسطينية)، ووزارة المعارف وبلدية القدس التابعتان للاحتلال، والقطاع الخاص، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفي هذا العرض سنستعرض واقع التعليم في مدينة القدس من خلال 3 أبواب رئيسية:




القوانين الناظمة للتعليم في القدس.
الواقع التعليمي في القدس.
التحديات وتوصيات مواجهتها.

القوانين الناظمة للتعليم في القدس.
تفتقد القدس لوجود مرجعية موحدة لإدارة العملية التربوية، فمن جهة تفرض سلطات الاحتلال نفسها من خلال مدارس المعارف والبلدية ومن خلال التضييقات المختلفة التي تمارسها على المدارس الأخرى، ومن خلال ضمها شرقي القدس إدارياً إلى دولة الاحتلال. 
ومن جهة ثانية، تعتبر السلطة الفلسطينية شرقي القدس جزءاً إدارياً من الضفة الغربية، ولكن وزارة التربية والتعليم  الفلسطينية لا تدير فعلياً إلا مدارس الأوقاف، وتتعاون مدارس وكالة الغوث مع توجهات هذه الوزارة. أما المدارس الأهلية والخاصة فإنها مختلفة الانتماءات والتوجهات، فمنها ما يتعاون مع الوزارة الفلسطينيةً، ومنها ما يتمتع بدعم سلطات الاحتلال وبالتالي يحابيها، ومنها ما هو مستقل أو يتبع لهيئات عربية أو دولية أو دينية مختلفة.
اليوم تمارس سلطات الاحتلال تمييزاً فاضحاً بين مدارس شرقي القدس ومدارس غربي القدس، على مستوى الميزانيات المخصصة أو المرافق والتجهيزات أو كفاءة الجهاز التعليمي، وحتى في تطبيق قانون التعليم الإلزامي.
فمدارس الاحتلال تلتزم بقوانينه وبالأهداف التي رسمتها هذه القوانين والتي تتوافق مع التاريخ والثقافة والهويّة الصهيونيّة، ما ينعكس تمييزًا صارخًا ضدّ الطلاب المقدسيّين حيث تخلو مناهجهم من أيّة روابط أو جذور تربطهم بالشعب العربي الفلسطيني أو الشعوب العربية والإسلامية الأخرى.
كما تحرص سلطات الاحتلال على التركيز على المفاهيم التي تعزز عدم المقاومة في جميع كتب العلوم الإنسانية، وتفرض في الوقت نفسه تدريس مساقات التاريخ اليهودي للطلبة المقدسيين.
أما بالنسبة للمدارس التابعة للسلطة الفلسطينية، فهي تواجه عدّة صعوبات، كون السلطة غير قادرةٍ على فرض قوانينها عليها، لأنّها لا تملك أيّ سلطة فعليّة داخل مدينة القدس؛ ولأنّها لا تُبدي التزامًا جادًّا تجاه هذه المدارس من ناحية المتابعة والرقابة والتمويل.
وقد أدى ذلك إلى خلل في تطبيق فلسفة التعليم الفلسطينيّة التي تهدف بحسب قوانين وزارة التربية والتعليم إلى تعزيز الهويّة والثقافة الفلسطينيّة والانتماء العربيّ وقيم الديموقراطيّة والحريّة والمساواة.

الواقع التعليمي في القدس
يُعتبر تعدد الجهات المشرفة على التعليم في القدس أحد أكثر مشاكل هذا القطاع خطورة؛ فهذا التعدد يعني غياب المرجعية الموجهة للتعليم، والتي ترسم الأهداف وتحدد القيم والمفاهيم التي يجب تبنيها في المدارس، مما يفتح الباب واسعاً أمام الاحتلال للتدخل في تربية النشء وتوجيهه بما يخدم مصالحه وأهدافه.
ويشار إلى أن المنهج الفلسطيني هو المنهج التعليمي المعتمد أساساً في مدارس القدس، حيث يُدرّس كاملاً في مدارس الأوقاف ووكالة الغوث، وهو المنهج الأساسي في مدارس القطاع الخاص، مع تعديلات على منهج اللغة الإنجليزية، وتدريس اللغة العبرية في بعض المدارس. في حين تُدرّس إلى جانب المنهج الفلسطيني مادتا اللغة العبرية وتاريخ "إسرائيل" في مدارس المعارف والبلدية.
بلغ عدد الطلبة في مدارس القدس في العام الدراسي 2008/2009  حوالي 87,908 طلاب، توزعوا على 2,430 شعبة صفية، في 147 مدرسة. وبلغ عدد المعلمين حوالي 4,008 معلماً. مما يعني أن نسبة المعلمين إلى الطلاب كانت معلماً واحداً لكل 21.9 طالباً.
المدارس التابعة للاحتلال: هي الأكثر استقطابًا للطلبة والخبرات التعليميّة نتيجةً لتوفّر الميزانيّات وحريّة العمل والتوسّع بعكس المدارس العربيّة.
عدد طلابها: 52,580 طالبًا مقدسيًّا.
 نسبتهم: 60% من مجموع الطلبة المقدسيّين الملتحقين بالمدارس.
العاملون فيها: 1700 موظّف يُشكّلون.
نسبتهم: 42% تقريبًا من الكادر التعليميّ في القدس.
وتُشجّع هذه المدارس التسرّب المدرسيّ من خلال انعدام الرقابة وتصل نسب التسرّب فيها إلى 10% تقريبًا، كما تُدرّس هذه المدارس نسخةً مشوّهةً من المنهاج الفلسطينيّ حيث تحذف كلمة فلسطين وشعار السلطة الفلسطينيّة وتُعدّل في المحتوى بما يتوافق مع أهدافها، وتستبدل مناهج التاريخ والتربية والوطنيّة بتاريخ "إسرائيل"، وتفرض تدريس اللغة العبريّة.
    مدارس الأوقاف: تُعدّ الثالثة من حيث قدرتها الاستياعبيّة.
 عدد طلابها: 12,136 طالبًا مقدسيًّا
نسبتهم: 13.8% من مجموع الطلبة الملتحقين بالمدارس.
العاملون فيها: 732 موظّفًا
نسبتهم: 18.3% تقريبًا من الكادر التعليميّ في القدس.
وتُحافظ هذه المدارس على نسب تسرّب منخفضة في المرحلة الأساسيّة لا تتجاوز 0.9% لكن هذه النسبة تتضاعف في المرحلة الثانويّة لتبلغ 8.2%.
وتُعاني مدارس الأوقاف من نقص في الموازنات المعتمدة من قبل السلطة الفلسطينيّة، ما يؤدي إلى تردي أحوال الأبنية المدرسيّة حيث تبلغ نسبة الأبنية المستأجرة غير المجهّزة بالأصل لاستخدامها كمدارس 55% من مجموع الأبنية المدرسيّة، كما يؤدّي ذلك إلى انخفاض القدرة الاستيعابيّة واكتظاظ الغرف الصفية، حيث تتراوح الكثافة الصفية في هذه المدراس ما بين 0.5-0.9 متراً مربعاً لكل طالب. ويؤدي نقص الموزانات أيضًا إلى جانب القيود التي يفرضها الاحتلال على حريّة حركة الفلسطينيّين بين الضفّة الغربيّة والقدس إلى ضعف الكادر التعليميّ في هذه المدارس وعدم القدرة على جذب الكادر التعليمي المؤهّل.

  المدارس الخاصّة التابعة لجهاتٍ أهليّة وجمعيّات مختلفة عاملة في القدس:
 تُعدّ هذه المدارس ثاني مقدّمي خدمات التعليم في القدس من حيث قدرتها الاستيعابيّة.
عدد طلابها: 19,748 طالبًا مقدسيًّا.
نسبتهم: 22.5% من مجموع الطلبة المقدسيّين الملتحقين بالمدارس.
العاملون فيها: 1429 موظّفًا.
نسبتهم: 35.7% تقريبًا من الكادر التعليمي في القدس.
وتُعدّ نسب التسرّب في هذه المدارس الأدنى بين مدارس القدس حيث لم يسجّل وجود تسرّب بين الذكور في المرحلتين الأساسية والثانوية، في حين لم تتعدّ نسبة تسرب الإناث 0.1% في المرحلة الأساسية و0.8% في المرحلة الثانوية.
وتواجه هذه المدارس مشكلةً أساسيّة تتمثّل في الأقساط المدرسيّة فمن جهة هي ملزمةٌ بفرض أقساط تتوافق مع الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة في مدينة القدس، ومن جهةٍ أخرى هي ملزمةٌ بدفع تكاليف تشغيل عالية بين إيجار المباني ورواتب العاملين وضرائب ورسوم الاحتلال، وقد دفع ذلك الكثير من هذه المدارس إلى القبول بمعونةٍ من بلديّة الاحتلال ستؤدّي من وجهة نظر التقرير إلى تقييد هذه المدارس في المستقبل بشروط البلديّة ورغباتها إن هي لم تتمكّن من تحقيق الاستقلال الماليّ التام عنها.
 المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا):
عدد الطلاب: 3,444 طالبًا مقدسيًّا.
نسبتهم: 3.9% من مجموع الطلبة المقدسيّين الملتحقين بالمدارس.
العاملون فيها: 147 موظّفًا.
نسبتهم: 3.7% تقريبًا من الكادر التعليميّ في القدس.
وتُعاني هذه المدارس من نسب تسرّب مرتفعة في المرحلة الأساسيّة تبلغ 3.4%، وهي لا تُقدّم تعليمًا ثانويًّا لطلبتها.
بعد مقارنة الأرقام والوقائع نخلص إلى أنّ المدارس التابعة للاحتلال تشهد أكبر نسبة نموّ في أعداد الطلبة تليها في ذلك المدارس الخاصّة، أمّا مدارس الأوقاف فتشهد تراجعًا بطيئًا في اعداد الطلبة الملتحقين بها، في حين تُحافظ مدارس الأونروا على معدّلٍ ثابتٍ لأعداد طلبتها، وإذا ما استمر الحال على ذلك فسيصبح الاحتلال مسيطرًا على ثلاثة أرباع القطاع التعليميّ في مدينة القدس خلال سنواتٍ قليلة



من أهم مشاكل التعليم في القدس
تعتبر عملية التعليم من أهم العمليات الداعمة لنهوض الأمم، وقلّما وجدت نهضة لأمة من الأمم لم تبدأ بالعلم. وقد تعرض هذا القطاع للضغط والتهميش ومحاولات التهويد الحثيثة من قبل المحتل، مما نتج عنه تردي الواقع التعليمي ، وقد لقي التعليم في القدس معاناة كبيرة في مواجهة التحديات والمشكلات ويتلخص أبرزها في مدينة القدس ومعاناته من مشاكل عديدة أبرزها:
عدد مدارس القدس حسب الجهة المشرفة
—            لعل هذه هي أكثر المشاكل التي تواجه قطاع التعليم خطورة، فهي تعني غياب المرجعية الموجهة للتعليم، التي يفترض أن تضع الرؤية الفلسفية أو الاستراتيجية التربوية التي يجب تبنيها في المدارس، مما يفتح الباب واسعاً أمام الاحتلال للتدخل في تربية النشئ وتوجيهه بما يخدم مصالحه وأهدافه.
—            اذن تتلخص في:-
 توزيع طلبة القدس حسب الجهة المشرف
 النسبة المئوية لتوزيع الطلبة علي مدارس القدس
 توزيع الطلبة حسب الجهة ألمشرفة

 مشكلات البنية التحتية
—            تُعاني حوالي 41% من المدارس في القدس من نقصٍ في غرفها الصفية، وقد أظهرت إحصاءات العام 2006 وجود نقصٍ حادٍّ للغاية في الغرف الدراسيّة في شرقيّ القدس وصل إلى 1354 غرفة دراسيّة على الأقلّ، ومن المتوقّع بأن يصل هذا النقص في عام 2010 إلى 1883 غرفة دراسيّة.
—            
—            وهنا تكمن المشكله في النقص في الغرف الصفية، والأبنية المستأجرة بالتالي:--  المدارس عبارة عن (بيوت سكنية-محلات تجارية-مخازن)
§      غير مؤهلة صحياً وغير أمنة
§     غير مؤهلة تعليميا ولا يوجد بها(ملاعب-مختبرات-مكتبة-حاسوب )
§     الكثافة تبلغ طالب لكل .9متر مربع والنسبة العالمية 1.25
§     ارتفاع تكاليف الاستئجار السنوي حوالي 750 ألف دولار
§      صعوبة الحصول علي التراخيص
§      ندرة الأرض وارتفاع سعر المتر
             مشكلة التسرب الدراسي
—            تُشكّل نسب التسرّب المدرسي في مدارس القدس إشارة مقلقة، وهي تبرز بشكل خاص في مدارس البلدية والمعارف، حيث تبلغ نسبة التسرب فيها حوالي 10%، دون وجود أية إجراءات لمتابعة المتسربين.
—            وتتلخص المشكلة في التالي بخصوص :-
—            
§       مشكلة نقص الكادر التعليمي المؤهل
§          انخفاض المرتبات 484 دولار للمعلم شهريا مقابل 6200 دولار للإسرائيلي
§          نقص العلاوات ولا يدفع عنهم التأمينات والضرائب.
§         نقص التخصصات مثل اللغة العربية والانجليزية والرياضيات والفيزياء 
§         عدم توفر الكفاءات التعليمية
§         معظم المعلمين من المعلمين القدماء
§         نقص التدريب التخصصي والتربوي
§         صعوبة وجود معلمين من خارج القدس بسبب الجدار .
سعي سلطات الاحتلال للسيطرة على قطاع التعليم بشكل كامل:
تعمل سلطات الاحتلال بشكل منهجي وواضح على إحكام السيطرة على قطاع التعليم، فمن ناحية تزيد من الضغوطات والإجراءات التعسفية بحق المدارس والمعلمين العرب، ومن ناحية ثانية تسعى لاستقطاب الطلاب والكوادر إلى مدارس البلدية والمعارف. وقد بنت سلطات الاحتلال في السنوات العشر الأخيرة عشر مدارس جديدة ضخمة، كما أن الرواتب التي تدفعها تزيد بنسبة 60 إلى 100% عن رواتب موظفي مدارس الأوقاف.
تهويد المناهج:
-حذف الآيات والسور التي تحث علي الجهاد
-تحريف في مساحة المسجد الأقصى .
الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري:
يضطر 37.1% من موظفي الخدمات في القطاع التعليمي و20% من الطلاب و19.6% من المعلمين لعبور الجدار يومياً، وهؤلاء ستزداد معاناتهم صعوبة مع اكتمال بناء الجدار.
في مواجهة هذه التحديات نوصي بالإجراءات التالية:
لا بد من التذكير الدائم بأن جذر المشكلة هو الاحتلال.
- ضرورة إيجاد مرجعية موحدة لقطاع التعليم في القدس بعيداً عن الانقسامات التي تشرذم الساحة الوطنية الفلسطينية الرسمية حالياً. ولا يشترط لهذه المرجعية أن تكون رسمية بقدر ما أن تكون موحدة وتنال ثقة المدارس الخاصة. ويمكن في هذا الصدد إعادة إحياء لجنة المدارس الخاصة أو أي إطار تنسيقي جامع يضم مدارس الأوقاف والمدارس الخاصة.
- تأمين الدعم المادي، للطلاب والمدارس على حد سواء. فسيحدّ هذا الدعم من نسب التسرب العائدة إلى ضيق الظروف الاقتصادية. كما سيمكن هذا الدعم المدارس من دفع رواتب مغرية تجذب أصحاب الكفاءات.
- الاهتمام بتأهيل الكوادر التعليمية من خلال تنظيم البرامج التدريبية المختلفة بشكل دوري، والتركيز على احتياجاتهم، خاصة في  بيئة الاحتلال.
لماذا يجب دعم مشاريع التعليم في القدس ؟
—            لانها تهدف الى دعم القطاع التعليمي في مدينة القدس وقراها دعما يؤدي إلى الحفاظ على هوية وثقافة وعقل المواطن المقدسي بما يضمن ثباته واستمرار نضاله إلى حين استعادة حقه المسلوب.



No comments:

Post a Comment